أخبار لبنان

المطران ابراهيم ترأس رتبة جناز المسيح في سيدة النجاة

المطران ابراهيم ترأس رتبة جناز المسيح في سيدة النجاة

أقولُ لكُل المسؤولين الفاسدين: لقد سلّمتم دم اللبنانيين الأبرياء. فحريٌ بكم أن تعيدوا الثلاثين من الفضة وأن تَشنِقوا أنفسَكم مِثلَ يوضاس.

 

ترأس رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم رتبة جناز السيد المسيح في كاتدرائية سيدة النجاة-زحلة بمشاركة النائب الأسقفي العام الأرشمندريت نقولا حكيم والآباء ايلياس ابراهيم، ادمون بخاش وشربل راشد بحضور حشد كبير من المؤمنين ضاقت بهم ارجاء الكاتدرائية والساحة الخارجية، تقدمهم مدير عام وزارة الزراعة المهندس لويس لحود ورئيسة الكتلة الشعبية ميريام سكاف ونجلها جبران.

وكان للمطران ابراهيم عظة جاء فيها :

” اليوم صباحا أيها الأحباء أنزلنا جسدَ يسوع عن الصليب حيث تجلى مجدُ فدائه لنا وتجلّت ملوكيتُه على حياتنا، لأنه بموته عنا، اشترانا بدمه الكريم وافتدانا ولم يعد للموت من سلطان علينا. وها نحنُ الآن نُنشدُ مراثي التقريظ في جُنّاز المسيح الذي فيه أتينا لِنُنَفِذَ وصيةً من وصايا الرب يسوع لنا، وهي أن نحزن على أنفسنا، لا أن نحزن عليه. ففيما هو حاملٌ صليبَه رأى النساء يَبكِين كما نقرأ في إنجيل لوقا 23: 28: فَالْتَفَتَ إِلَيْهِنَّ يَسُوعُ وَقَالَ: «يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ، لاَ تَبْكِينَ عَلَيَّ بَلِ ابْكِينَ عَلَى أَنْفُسِكُنَّ وَعَلَى أَوْلاَدِكُنَّ…” السيد المسيح لم تكن عليه خطيئة وهو لم يتألم بسبب خطاياه بل بسبب خطايانا. خطايا البشرية كلها وُضعت عليه. في أُسبوع الآلآم نحزن على خطايانا التي سبَّبت للمسيح آلاما وموتا. ألمُ يسوع المسيح لم يأت من مِسمار أو من حربة، بل أتت من حمله لخطايا البشر منذ آدم إلى اليوم وهذا هو الكأس الذي تمنى المسيح أن تعبر عنه. وألم المسيح أتى أيضا من الخيانة، خيانة يهوذا تلميذُه وخيانةُ الشعب الذي كان يصرخ إصلبه إصلبه. خيانة الشعب الذي تحوّل عن مطالبته بالتحرر من الإمبراطورية الرومانية إلى الاعتراف بأن: ليس لنا ملك إلا قيصر. هذا هو الشعب المتقلّب في خَياراتِه وقراراته والتاريخّ يُعيدُ نفسَهُ.”

واضاف ” لكن قوة يسوع الأعظم كانت هي قوته في التخلي عن القوة. هو الكليّ القدرة، لم يستعمل قدرته، ويريدنا أن نُخلي ذواتِنا كما فعل هو لنكون متواضعي القلب. قوةُ يسوع هي قوة الغُفران والتسامح والمحبة. لذلك دور المسيحية في عالم اليوم هو تغيير قلوب وإرادات من يعتمدون القوة والعنف لنشر تعاليمهم وتكريس مصالحهم.

الرب يريدنا أن نكون كسمعان القيرواني وأن يحمل كل منا صليب المتألمين والمحتاجين والمضطَهدين. الرب يريدنا أن نفكر كلما صلينا بملايين المتألمين والمصلوبين على صليب العنف والقتل والحرب والظلم. ملايينٌ على جسر الجراح مشت وتمشي وتلبس قهرها وتموت بريئة. الرب يريدنا قبل أن نغفوا على أي وسادة أن نتذكر أن كل أخ لنا يُذبح يعني أن بلادنا كلها تُذبح. الرب يريدنا ألّا ننام وفي موطننا الحبيب لبنان كبارٌ وصغارٌ بلا استشفاء، أطفالٌ ملائكة لا طعام لديهم ولا مدارس لهم، ولا حقائب ولا ألبسة. يُرسلون لنا كل يوم نداءً كي نخلِّصَهم من الجراح ومن خلف قضبان الدمار الاقتصادي والاجتماعي. كل يوم يُصلَبون ألف مرة فإلى متى؟ جف الضمير العالمي وما جفت دماء الأبرياء المصلوبين على صُلبان اليأس والحِرمان. 

الرب يريدنا أن نكون كسمعان القيرواني وأن يحمل كل منا صليبَ المتألمين والمحتاجين والمضطهدين.”

واردف سيادته ” إننا نهيبُ بكل مسؤول في لبنان، فاسدٍ وخائن وسارقٍ وآكلٍ لُقمةَ الفقراء على مثال يوضاس أن يعترف كما اعترف يوضاسُ قائلا: “قَدْ أَخْطَأْتُ إِذْ سَلَّمْتُ دَمًا بَرِيئًا”. أقولُ لهم: لقد سلّمتم دم اللبنانيين الأبرياء. فحريٌ بكم أن تعيدوا الثلاثين من الفضة وأن تَشنِقوا أنفسَكم مِثلَ يوضاس كما نقرأ في إنجيل متى 27/5 إذ طَرَحَ الْفِضَّةَ فِي الْهَيْكَلِ وَانْصَرَفَ، ثُمَّ مَضَى وَشَنَقَ نَفْسَهُ. 

قد يلومُني البعضُ على هكذا دعوة. لكنني اقتداءً مني بسيدي أقول لهم كما َقَالَ هو لِتَلاَمِيذِهِ: “لاَ يُمْكِنُ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَ الْعَثَرَاتُ، وَلكِنْ وَيْلٌ لِلَّذِي تَأْتِي بِوَاسِطَتِهِ! خَيْرٌ لَهُ لَوْ طُوِّقَ عُنُقُهُ بِحَجَرِ رَحىً وَطُرِحَ فِي الْبَحْرِ، مِنْ أَنْ يُعْثِرَ أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ.” لوقا 17: 1-“2 

وختم ابراهيم” أيها الاخوة والأخوات الأحباء، أشكركم مجددا على حُضورِكُم واشتراكِكُم بهذه الرتبة المقدسة وأتمنى لكم الصحة وطول العمر وأذكِّرُكُم بواجب الصلاة من أجل كل متألم في هذا الوطن الأحلى والأغلى والأبهى جمالاً وحضارةً بين كل بلدان المسكونة، وطني لبنان. 

أيها الرب يسوع، يا من تألم ومات من أجلنا هب لنا الأمان والسلام. آمين.”

واقيم تطواف بنعش السيد المسيح في الساحة الخارجية للمطرانية حيث تبرك منه المؤمنون والمؤمنات الحاضرين.