أخبار لبنان

د. صايغ: توصية لجنة الشؤون الخارجية النيابية حول النزوح قفزة نوعيّة تعبّر عن إجماع لبناني ولن تكون “شِعراً

تعليقاً على التوصية الصادرة عن لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين في مجلس النواب بخصوص موضوع النزوح السوري، قال عضو اللجنة النائب الدكتور سليم صايغ:” بالشكل هذه التوصية أتت بعد أكثر من ستة شهور من النقاش داخل اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة العلاقات الخارجية النيابية المعنية بالنزوح السوري ما يعني أنها لم تأتِ كردة فعل على قرار البرلمان الاوروبي الذي صدر الأسبوع الماضي إنما ذهبت أبعد من ذلك كفعل وليس كردة فعل عفوية”.
أضاف :” بالشكل فان التوصية عبّرت عن إجماع من قبل كل المشاركين من غالبية الكتل النيابية حول الموقف اللبناني، وهو إجماع سياسي وشعبي بحكم الوكالة الشعبية التي للنائب حول موضوع النزوح وانتقلنا للمرة الأولى من تشخيص المشكلة الى وضع أفكار عملية التي يجب على السلطة التنفيذية اعتمادها لكي ننطلق الى نقطتين:
-أولاً: تنظيم الوجود السوري بحكم انه غير منظّم أبداً
-ثانياً: التمهيد لبرنامج عودة السوريين الى سوريا”.
ولفت الدكتور صايغ الى أن توصية اليوم تُعتبر قفزة نوعية وعلى الحكومة اللبنانية ان تقوم بواجباتها بحكم ان تتوحّد المرجعية التي تتحدّث بهذا الموضوع والحدّ من تبعثر المسؤولية .
وقال:”على الحكومة اللبنانية، بعد أن تأخّرَ المجتمع الدولي، أن ترسل مذكرة تفاهم حول مشاركتها مع الأمم المتحدة بقاعدة بيانات النازحين، المنظمة الأممية تنتظر من الحكومة توقيع مذكرة التفاهم والحكومة لم تقم بذلك بعد، ليعرف لبنان من الموجود ومن يستفيد من صفة نازح تمهيدا ليبلّغ الأمن العام الامم المتحدة عن كل نازح يذهب الى سوريا ولديه بطاقة الامم كي تسقط عنه صفة الحماية ولا يعود يستفيد من التقديمات “.
وأضاف صايغ في حديثه عن التوصيات:”كذلك طالبنا بتطبيق القوانين اللبنانية بما يكفل ضمان حقوق العمل للبناني التي أصبحت مهدّدة فالسوري لم يعد عاملاً بمعنى “اليد العاملة” بل أصبح مستثمرا ويدير مرافق معيّنة وهذا ضدّ قانون العمل اللبناني”.
وأكد الدكتور صايغ أنه، انطلاقا من منطق السيادة الوطنيّة، يجب ضبط الحدود والمعابر كلّها وأخذ الإمكانات اللازمة لبنانيا ودوليا لمساعدة القوى الأمنية والعسكرية كي تقوم بواجباتها في هذا الموضوع .
ولفت إلى أنّ جو التوصية يؤكد أن لبنان يجب أن يتكلّم مع الحكومة السورية وفق آلية يتمّ الاتفاق عليها، لأننا لاحظنا (وهذا لم يذكر في التوصيات) أن هناك الكثير من التهرّب من قبل سوريا لتسهيل عودة السوريين، مشددًا على أن نفَس التوصية ليس نفسًا اتهاميًا لأحد، إنما يذكر أين يجب أن يبذل لبنان جهده من أجل معالجة جذرية لموضوع النزوح، وقد يكون الأبرز أنه في حال تعثّر عودة السوريين إلى بلادهم لسبب ما قد يكون إنسانيًا، أو سياسيًا أو ماديًا العمل على إعادة توزيعهم على بلدان أخرى وهذا الأمر موضع إجماع لبناني، ويمكن أن نعتبر ذلك قفزة نوعية بمواجهة هذا الموضوع، إذ إن لبنان ليس بلد توطين وليس بلد لجوء، لذلك اعتمدنا بالبيان المُرافق لهذه التوصية التأكيد على مثل هذا الموضوع.
وتابع:”هنا أنتقل إلى أبعد من التوصية لأقول إن ما قُدّم في مجلس النواب هو بيان يعبّر عن إجماع برلماني لبناني على رفض البند 13 من بيان البرلمان الأوروبي المتعلّق بالنازحين السوريين، إذ إن هذا البند وعلى الرغم من رفضنا لشكل أو اللّهجة التي يتم التعاطي فيها مع لبنان وكأنه مقصّر وكأنه غير خارج من أكبر محن في التاريخ، يطلب من لبنان بحالته الحالية اعتماد اتفاقية عام 1951 المتعلقة بالهجرة وهذا الموضوع رفضناه تاريخياً لأنه لا يمكن للأسباب الديمغرافية والسياسية والتوازنات أن يكون لبنان بلد لجوء والموضوع غير مطروح، اذ بمجرد الاعتراف بالاتفاقية يوحي ذلك ان لبنان قد يصبح بلد لجوء ولا يريد أن يُفرض عليه مباشرة أو بصورة غير مباشرة مبدأ عدم الترحيل le principe de non-refoulement.
وسأل الدكتور صايغ مستغربًا: “لماذا يطلبون من لبنان اعتماد هذه الاتفاقية كما أن الإصرار عليها غير مفهوم، إلا إذا اعتبروا ان الأمور قد تتفاقم ويصبح لبنان مُجبرًا تمامًا مع بعض الدول الأوروبية على ترحيل السوريين من أرضه، إنما هذا الأمر لم يحصل”.
وتابع موضحاً:” فبعد 12 سنة من الأزمة السورية ووجود مليوني سوري أي نصف الشعب اللبناني لم يتّخذ أي قرار بترحيل السوريين ولبنان ذهب أبعد من الاتفاقات الدولية والأعراف والتقاليد، فقد طبّق عرفًا سماويًا وهو عرف الضيافة وهي من طبيعته رغم المأساة التي يعيشها بفلس الأرملة، فقد فتح مدنه وقراه وأحياءه للنازحين ولم يسجّل أي حادث اعتداء أو تهجّم على السوريين، وبالنتيجة لا يعامَل الشعب اللبناني بهذه الطريقة ويُفرض عليه ما حاول أن يوحي به البند 13 لهذا فإن البيان الذي أطلقه اليوم رئيس لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين والذي اتفقنا عليه مسبقا يعبّر عن الرد اللبناني على البند 13 من القرار الأوروبي.”
ولفت الدكتور صايغ إلى أنه في إحدى لقاءاتنا مع الـ unhcr طلبوا اعتماد اتفاقية 1951 وإن لم نعتمدها فلنتقرح قانونًا يثبّت مبدأ عدم الترحيل وكأنهم خائفون من حدث جلل في المستقبل، موضحاً أنّ الدول الأوروبية التي وقّعت على هذه الاتفاقية تُرحّل اليوم، “وهنا نسأل: “لماذا الطلب من لبنان أن يتحمّل أمرًا افتراضيًا غير وارد عنده أي أن يرحّل قسريًا الموجودين على أرضه وأغلبهم موجودون لأسباب قاهرة؟””.
وعن مساهتمه داخل اللجنة، قال الدكتور صايغ: “لقد عملنا بمنهجية علمية، بحيث قدّمت كل فئة سياسية أو حزب أفكاره للتوصية وتمّ دمج الأفكار وبلورتها، وقد ناقشنا النصّ مرارًا وراجعناه وأضفنا عليه وكانت المشاركة كاملة وفاعلة ويمكن أن نسمّيها “مشاركة مبادرة”، فقد كنّا حريصين على التوصية التي تزامنت مع القرار الأوروبي مع العلم أنها كانت شبه ناجزة منذ أكثر من شهر”.
وأكد أنّ هناك ثلاثة أفرقاء مسؤولون عن موضوع النزوح: “لبنان والمفروض أن يكون سيّدًا على أرضه أي الحكومة اللبنانية، والحكومة السورية، والمجتمع الدولي الذي يترك الأمور مرتبطة بحسن سير عملية التطبيع مع سوريا والعملية السياسية داخل سوريا”.
وأشار الى أن هذه التوصية ستُرفع الى الأمم المتحدة والاتحاد الاوروبي وكل عواصم القرار المهتمة بالوضع وهي بعهدة الحكومة اللبنانية لأنها ستُساءل حول كيفية اعتماد هذه التوصية والسير بها، وعلى الحكومة أن تعمل وفق الآليات الموضوعة مع الحكومة السورية لنرى كيفية إعادة السوريين، جازمًا بأن هذه التوصية لن تكون “شِعرًا” فقد بدأنا من اليوم العمل داخل اللجنة لإبراز الموقف اللبناني المتقدّم أمام الرأي العام الدولي ومحافل القرار الدولية.