منوعات

الاسير القيادي ثابت عزمي المرداوي:سنوات الاسر والسجن زادتني صلابة ضد الاحتلال

حوار: ربى يوسف شاهين

في حوار خاص مع القيادي في حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية ثابت عزمي المرداوي دعا لاتفاق الفصائل على عقد مؤتمر فلسطيني عام يمثل الفلسطينيين في كافة أنحاء العالم يضع خطط مواجهة الصفقات، وإنهاء الانقسام بين فتح وحماس وتحميلهما مسؤولية استمراره وتنفيذ أي جزء من صفقة القرن. مستنفراً الشباب الفلسطيني لأنه القوة التي يمكنها أن تكون الكلمة الفصل في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية، إلى مواقف عديدة تضمنها الحوار..

فضيحتان حاكمتان:
فشل الأداء الفلسطيني ونكبة أوسلو
الأسير القيادي ثابت عزمي سليمان المرداوي لا بدّ أن سنوات السجن زادتك عزيمة واصراراً على المقاومة والتصدي للاحتلال الغاصب خاصة أنك دخلت عامك الثامن عشر في سجون الاحتلال الغاشم ففي “معركة جنين” التي كانت رعباً للمحتل سطرتم فيها معنى الاستبسال والمقاومة حباً وعشقاً للأرض.
} س– برأيكم ومع كم الضغوط إن كان على الشعب الفلسطيني، أو لجهة الحصار المفروض على الفصائل المسلحة، كيف تجد ضرورة اتحاد قوى الفصائل او جماعات الشباب لإذاقة المحتل الإسرائيلي الخوف والرعب ولصده عن مشاريعه المجرمة بشكل عام؟
ج– الشعب الفلسطيني برمته وقضيته تحديداً يعيش أخطر مراحله وهناك الآن سؤال وجودي يفرض نفسه على الشعب وكافة قواه. ما يتعرّض له الشعب الفلسطيني حالياً وما وصل اليه من ضعف سياسي وتآكل قيمي وأخلاقي وحالة شبه انعدام القدرة على العمل المؤثر كان لها سياق تاريخي طويل ناتج عن امرين, الاول الأداء الكارثي للتنظيمات الفلسطينية ولمجمل النموذج الذي قدّمته والذي يمكن القول باختصار إنه لم يرتقِ خلال اي مرحلة من مراحله لا الى الجديد ولا الى متطلبات القضية الفلسطينية, والثاني نكبة أوسلو وتأثيراتها الاجتماعية والقيمية وتفكيكها لجملة المفاهيم التي صاغت الحالة الفلسطينية المعاصرة, هذا في التوصيف.
اما في الحل، فالمدخل اولاً واخيراً هو اعادة الاعتبار لجوهر القضية الفلسطينية كقضية ومشروع تحرر وطني عربي اسلامي في مواجهة الحركة الصهيونية وكل ما تمثل من أبعاد ومكونات. وهذا لم يتم الا من خلال التنظيمات كرافعة وحيدة للعمل الوطني، ولكن شرط ان تقتنع التنظيمات بانها فشلت في تحقيق أي إنجاز يذكر على صعيد المشروع الوطني وثانياً ضرورة إعادة بنائها وهيكلتها لتحمل أعباء مشروع تحرّر بما يتطلبه ذلك حتى من إعادة بناء حالة شعبية اجتماعياً واخلاقياً واقتصادياً قادرة على تحمل أعباء مشروع كهذا.
أقول ذلك لأنه لا بديل عن العمل التنظيمي لحمل المشروع الوطني ولأن الأمور وصلت الى مرحلة لم يعد بالإمكان السكوت او المجاملة حيال الحالة القائمة إن كان على مستوى الفصائل او على مستوى الشعب.
اما في ما يتعلق بجماعات الشباب فلا بد من ان يكون لها دور أكثر فعالية وتأثيراً وأكثر جرأة في النقد لمجمل الحالة الفلسطينية وأن يكون هناك توجه الى طرح قضايا كلية، والابتعاد قدر الامكان عن الجزئيات.. اقول ذلك لسببين، اولاً لقناعتي بطاقات الشباب وبقدرتهم على العمل والتأثير وخصوصاً مع توفر وسائل التواصل الاجتماعي التي نقرأ عنها الكثير وعن قدرتها على إحداث تغييرات متعددة المستويات والمركبات، وثانياً لأنه حصل بفعل اوسلو تحديداً وما تلاه تآكل خطير لمجمل القضايا الجامعة والمركبات الهوياتية الكلية للشعب الفلسطيني. الأمر الذي أدّى الى نوع من التفتت الذي اصاب المجتمع الوطني برمته.
ما المطلوب من الشباب الآن؟ اولاً تجاوز كل الانتماءات الضيقة وان يكون نموذجهم في ذلك شباب هبة الأقصى, ثانياً العمل على خلق أطر حتى لو كانت ثقافية وفنية ورياضية تجمع كل الشباب الفلسطيني في جميع أنحاء العالم وان يكون لها برنامج مشترك ضمن رؤية قد يتفق عليها الجميع, ثالثاً وهذا لأنه لم يعد هناك رابطة تجمع الكل الفلسطيني حيث اصبح لكل جماعة فلسطينية في كل جغرافيا همومها وإشكالياتها. وبالتالي نطالبها وبرامجها الخاصة بها بعيداً عن الكل الفلسطيني وهذا قد يكون أخطر ما يواجه الكيانية الفلسطينية ولأن السياسي التنظيمي قد تكون له اعتباراته اضافة لعجزه وضعفه فقد لا يتمكن من فعل شيء على هذا الصعيد. واذا ما قامت الجماعات الشبابية الفلسطينية في كافة أماكن تواجدها في الضفة وغزة والـ 48 والشتات فيمكنها ان تعيد الاعتبار للمشتركات والمكونات الجماعية ويمكنها ايضاً في البداية ان تتشارك الهموم والآراء لان المطلوب اعادة التداخل والتشابك بين كل توجهات وتطلعات وحتى هموم الفلسطينيين حيثما وجدوا. ولعل الساحات الثقافية والرياضية والفنية قد تكون مدخلاً سهل

ً ليتم من خلالها وعبرها مستقبلاً تشكيل حالة ضغط باتجاه كل من له علاقة بالمشروع الوطني والمشروع السياسي.
لإعادة حركات المقاومة الفلسطينية
قراءة ما يجري المنطقة بأبعاد عدة
} س– محور المقاومة ككل يشكل تهديداً كبيراً على الكيان الغاصب وقد تمّ في 3/1/2019 اغتيال قائد فيلق القدس الشهيد قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي الشهيد أبو مهدي المهندس.
ما تفسير هذه الجريمة النكراء برأيكم ولشخصية لها وزنها في الجمهورية الإسلامية الإيرانية والعالم العربي ككل، وفي هذا التوقيت الذي حقق فيه الشهيد سليماني انتصاراته على داعش في سورية والعراق؟
ج– بلا شك إن استهداف الشهيد قاسم سليماني والشهيد أبو مهدي المهندس هو استهداف لكل محور المقاومة والممانعة الذي يواجه بثبات وصلابة العدوان الصهيوني والأميركي وأتباعهم في المنطقة من العرب والأتراك, لن أدخل في تفاصيل وتحليلات حول دور الشهيدين والجهات الذي يمثلانها لاعتبارات لا مجال لذكرها الآن وأيضاً لن ادخل في تحليل دوافع القرار الأميركي والذي وان بدأ باعتبارات ترامب الانتخابية فانه قد يتجاوز حتى تقديم خدمة كبيرة للكيان الصهيوني في قضايا قد لا يقدر هو على القيام بها.
ولكن ما أريده هنا هو ان الأميركي بكل ما يمثل يتعاطى مع هذا المحور والذي في قلبه ايران وسورية العروبة ومعهما حركات المقاومة ككتلة واحدة وبالنظرة ذاتها والاستهداف وقد نكون بعيدين عن تفاصيل كثيرة مما يجري، ولكن بصراحة كان المطلوب ومنذ زمن أن تكون مكوّنات محور المقاومة على درجة أعلى من مستويات العمل المشترك والتحالف وأقصد هنا تحديداً بعض حركات المقاومة الفلسطينية والتي في أحسن الأحوال تطرح نفسها على خجل وعندما تكون الظروف تسمح بذلك. المطلوب تحديداً من حركات المقاومة الفلسطينية اعادة تقديم قراءة مختلفة لكل ما يجري في المنطقة قائمة على جملة أبعاد منها ان فلسطين كانت في قلب الاستهداف الذي تعرّضت له سورية وان حركات التمرد في سورية لم تكن سوى أدوات خارجية في احسن حالاتها وان السياسة التركية تجاه المنطقة العربية سياسة عدوانية تماماً وأن هناك علامات استفهام كثيرة حول الكثير من الحركات التي تجري في بعض المناطق العربية والشيء ذاته ينطبق على تصحيح الموقف تجاه اليمن المظلوم وما يتعرّض له من عدوان سعودي صهيوني وكل ذلك حتى يُبنى على الشيء مقتضاه وتصبح حركات المقاومة الفلسطينية جزءاً ومكوناً اساسياً وفاعلاً في محور المقاومة لأني كفلسطيني يسعى لتحرير بلاده من الاحتلال أصادق وأحالف وأعادي انطلاقاً من هذا الهدف وانطلاقاً من فهمي للحركة الصهيونية وكل سياقها التاريخي. وبهذا المعنى فإن المجال الحيوي لحركتي وحلفائي الطبيعيين هم حزب الله, سورية, ايران, انصار الله وحركات المقاومة العراقية وكل هذا الفضاء السياسي المتشكل في المنطقة بفعل هذه المكونات السياسية المقاومة.
الفلسطينيون خذلوا اليمن الوفي والبطل
} س– كيف تقرؤون هذا التضامن العظيم من شعب اليمن الصامد وخروجهم رفضاً لـ “صفقة القرن”؟ وهل يتساوى الذين ذاقوا معنى الحرب مع أولئك الذين لم يعرفوا ما معنى أن تُحتل أرضهم؟ ماذا تقول لهم؟
ج– للأسف الشديد كان الموقف الفلسطيني برمته مُحرجاً تجاه ما يتعرض له الشعب اليمني العظيم من عدوان. ومرة اخرى يثبت الفلسطينيون او بعضهم قصر نظرهم السياسي وغياب المعايير الصادقة والواضحة للحكم على الأشياء, كان المطلوب ان يكون الفلسطينيون أول الناس وأكثر الناس تضامناً مع الشعب اليمني ورفضاً وتنديداً بعدوان آل سعود عليه. وذلك ببساطة لان الشعب الفلسطيني ذاق ويلات العدوان والحصار فكيف يقبل من شخص المطالبة برفع الحصار على الضفة وغزة ويسكت عن مجرد رفع الحصار عن اليمن. ومع ذلك على الرغم من هذا التقصير (علماً ان كلمة التقصير هنا لا تصف حقيقة الخذلان الفلسطيني لليمن) إلا أن الشعب اليمني العظيم مهد العروبة والثقافة والحضارة العربية ما زال يقدم اروع اشكال التضامن مع القضية الفلسطينية. وللحقيقة أني أشعر بالخجل تجاه كل يمني مظلوم ومحاصر لأني لا استطيع ان اقدم له غير هذه الكلمات ودعائي.
لا توجد حالة عربية
تشكل دعماً للنضال الفلسطيني
} س– برأيكم ما هو الحل لردع هذا الغرب الأميركي والصهيوني عن استباحة الأراضي العربية والدول الرافضة للهيمنة؟ وكيف السبيل لمنع مخططات الإدارة الأميركية التي تلتف حول ترامب ونتنياهو من تحقيق أهدافها؟
ج– القراءة الاستراتيجية لمجمل ما يجري على الساحة الدولية اليوم وتوقعات حدوث تغيير جدي في شكل النظام الدولي بفعل صعود بعض القوى الإقليمية والدولية وتراجع مكانة النفط على خريطة المصالح الدولية والأولوية لمواجهة صعود الصين عالمياً, كل ذلك سيؤدي الى ترتيب الاهتمامات الأميركية حيال المنطقة. وفي هذا السياق يمكن فهم فسح المجال أميركياً وأوروبياً لتركيا للعب مزيد من الادوار في المنطقة وتوسيع دوائر نفوذها. والذي يعنينا هنا هو ضرورة مواجهة المشروع الغربي في المنطقة والذي سيبقى محوره في

لمرحلة المقبلة الكيان الصهيوني ومتطلبات دعم هذا الكيان والتي من ضمنها مزيد من التفتيت للحالة العربية ومحاولة توسيع النفوذ التركي واستمرار الضغط والحصار على محور المقاومة. ومن هنا فإن اي رؤية لمواجهة المشروع الغربي الأميركي لا بد وان تأخذ بعين الاعتبار ضرورة وكيفية المواجهة على هذه المحاور الثلاثة. على الصعيد الصهيوني يتطلب الامر تفعيل المقاومة الفلسطينية وعدم حصرها بالجغرافيا الفلسطينية، وثانياً اعتبار ما تقوم به تركيا في سورية والعراق عدواناً يتطلب المواجهة والردّ بالمثل بالإضافة الى استهداف الوجود الأميركي في المنطقة مستفيدين من التغيرات الحاصلة في التوجهات والاولويات الأميركية ومن قرب الانتخابات الأميركية ومن احتمالية المواجهة الأميركية الصينية. السؤال الخامس, فيما يتعلق بخطة ترامب المعنى المباشر والمختصر لها هو الغاء كل السردية التاريخية الفلسطينية بكل مكوّناتها ومرورها يعني الانتحار القومي الوطني الفلسطيني وحتى لا نخدع أنفسنا بحالة عربية او غيرها فان الحالة العربية المحيطة برمتها باستثناء سورية ولبنان متواطئة والموقف الأردني والبادي انه يشذ عن تغريب غربان العرب منبعه الأساسي تخوفات الاردن من تداعيات هذه الصفقة على الكيانية الاردنية, هذا يعني ان مواجهة الصفقة منعقدة بالأساس على الفلسطيني والموقف الدائم لمحور المقاومة.
عدم تحرّك الفلسطينيين
يضع قضيتهم أمام خطر الزوال
} س– ما هو الحل الأمثل برأيكم لإيقاف تنفيذ البنود من قبل الحكومات المعنية ببنود الصفقة كالأردن والسلطة الفلسطينية ومصر؟
ج– المطلوب فلسطينياً اولاً الرفض والثبات على الرفض مهما كان السبب، وثانياً لا بد من انهاء الانقسام وان يتم تحميل فتح وحماس المسؤولية المباشرة عن أي خطوة تطبق من خطة ترامب في حال عدم حصول إنهاء سريع للانقسام، وثالثاً لا بد من الاتفاق الفصائلي السريع على عقد مؤتمر فلسطيني عام يمثل الفلسطينيين في كافة انحاء العالم ويخرج برؤوس ومشاريع عمل لمواجهة الصفقات تتناسب وحالة كل تجمع فلسطيني، ولكن العبء الاساسي في مواجهة هذه الصفقة سيكون على الفلسطينيين في الداخل على الفلسطينيين في غزة والضفة و48 ولا يجب اسقاط اي من الخيارات في مواجهة هذه الصفقة تحديداً في فلسطين ومحيطها. وان لم يتحرك الفلسطينيين سريعا فان مصير قضيتهم برمتها عليه علامة سؤال وجودي بكل ما في هذه الكلمة من معنى.

من هو ثابت المرداوي؟
التهمة: قائد سرايا القدس في الضفة الغربية المحتلة
تاريخ الميلاد: 21, يوليو 1976
السكن: عرابة – جنين
تاريخ الاعتقال: 5, أبريل 2002
فترة الحكم: 21 مؤبد + 40 عام
الأسير ثابت عزمي مرداوي من سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في الضفة الغربية، وأحد أبطال معركة “جنين” البطولية، حيث اعتقل في العام 2002 وحكم عليه بالسجن المؤبد لثلاث وعشرين مرة، وإضافة لعشرين عاماً، بتهمة التخطيط لعمليات استشهادية قتل فيها أكثر من 20 جندياً صهيونياً.
السجن: هداريم