منوعات

بقلم وزير المالية الاردني الأسبق د محمد أبو حمور.. أجندة التنمية المستدامة وتحقيق الطموحات

بقلم وزير المالية الاردني الأسبق د محمد أبو حمور..

أجندة التنمية المستدامة وتحقيق الطموحات

الخطاب الذي ألقاه جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله خلال الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة وضع العالم أمام حقيقة التحديات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وأكد ضرورة العمل المشترك لمواجهتها لتستطيع شعوب المنطقة أن تمضي قدماً لتحقيق طموحاتها وأهدافها التنموية.

وعلى هامش هذه الدورة تم عقد قمة أهداف التنمية المستدامة لتقييم التقدم الذي تم احرازه في تحقيق الأهداف السبعة عشر لأجندة التنمية المستدامة 2030 التي أقرت في أيلول من عام 2015، وتشمل الأهداف اجتثاث الفقر المدقع والقضاء على الجوع وتأمين الوصول الى مياه صالحة للشرب وتعزيز مشاركة المرأة وتحسين التعليم والعمل على مكافحة التغير المناخي وغيرها من الأهداف الأخرى التي تسعى بمجموعها الى بناء مستقبل أفضل للإنسان وتحسين مستوى حياته، وتحقيق الازدهار مع ضمان الاستدامة البيئية.

وتجدر الإشارة الى أن العمل لتنفيذ أجندة التنمية المستدامة واجه خلال السنوات الماضية العديد من الصعوبات والتحديات التي من أبرزها ما ترتب على جائحة كورونا حيث فقد العديد من الأشخاص أعمالهم وتعطلت بعض سلاسل الامداد وواجهت الخدمات الصحية ظروفاً عصيبة.

كما أن ما تمخضت عنه الحرب الروسية الأوكرانية من تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين الى القارة الأوروبية أدى الى تراجع الاهتمام بقضايا اللاجئين في مناطق أخرى من العالم هذا بالإضافة الى الاثار المترتبة على امدادات المواد الغذائية وتفاقم التضخم العالمي وزيادة كلف التمويل، وهكذا فبالرغم من انقضاء نصف الفترة التي تم تحديدها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة الا أن الإنجازات لا زالت متواضعة والتقدم المحرز لا زال بطيئاً.

والأردن من الدول التي التزمت بتنفيذ اجندة التنمية المستدامة وسعى خلال السنوات الماضية الى تحقيق أهدافها ضمن الإمكانات المتاحة، وبمشاركة الجهات ذات العلاقة وان كانت لا تزال دون المستوى المأمول، واليوم نستطيع عبر خطط التحديث الشاملة التي تم تبنيها بما فيها رؤية التحديث الاقتصادي وإصلاح القطاع العام والتحديث السياسي نستطيع المضي قدماً لتحقيق الأهداف التنموية وايلائها الاهتمام المطلوب ودمجها ضمن البرامج التنفيذية انطلاقاً من الأولويات المحلية التي تحتم العمل لمكافحة الفقر عبر الاستثمار الذي يولد فرص عمل مستدامة ويحسن البنى التحتية ويرتقى بمستوى الخدمات الأساسية التي تقدم للمواطنين في مختلف أماكن تواجدهم، فالتنمية المستدامة في النهاية تتجلى عبر مجموعة من الأهداف المترابطة وتحقيق أي منها يؤدى الى النهوض بالأهداف الأخرى، فمثلا لا يمكن القضاء على الفقر دون تبني استراتيجيات وخطط عمل تعزز النمو الاقتصادي الذي بدوره يمكّن من تلبية مستوى مقبول من الخدمات العامة ويؤمن رعاية صحية ومياه للمواطنين ويتيح بناء شبكات حماية اجتماعية فاعلة وهذا بمجموعه يساهم في تحقيق تنمية بشرية تنعكس على رفع الكفاءة والتنافسية وتعزز القدرة على مواجهة المصاعب والتحديات.

وينبغي أن يشكل العمل لتحقيق أهداف التنمية المستدامة حافزاً لتشجيع الاستثمارات في المشاريع المستدامة التي تقوم بدور إيجابي في التنمية المجتمعية والحفاظ على البيئة مثل مشاريع الطاقة المتجددة، وكذلك تلك التي تعنى بتحقيق الامن الغذائي بما فيها الزراعة المستدامة والاستخدام الرشيد للأراضي ومشاريع المياه والصرف الصحي والنقل الآمن الذي يقلص الاعتماد على مصادر الطاقة الاحفورية، ومشاريع الحفاظ على التنوع البيئي كالمحميات، ومثل هذه المشاريع تساعد في الحد من الفقر وتأمين امن الغذاء والطاقة وتزيد فرص العمل وتحسن الكفاءة والإنتاجية.

وبهذا الخصوص لا بد من التنويه بضرورة اللجوء الى أساليب مبتكرة لتحفيز هذه المشاريع بما في ذلك السعي لتأمين تمويل بكلفة متدنية مثل الصكوك الخضراء والمساعدات الخارجية، هذا بالإضافة الى تسهيل الإجراءات وتخفيض الكلف اللازمة للمباشرة في تنفيذ مثل هذه المشاريع، وتعزيز الحوكمة الرشيدة وسيادة القانون والشفافية.

بالرغم من المنجزات التي تحققت لتنفيذ اهداف التنمية المستدامة ومع الوعي بالتحديات المحلية والإقليمية والعالمية التي نواجه الا ان الإصرار على المضي قدماً في بناء مستقبل أفضل يتطلب مزيداً من العمل والجهد لتحقيق إنجازات إضافية تساهم في تحسين حياة المواطن وترتقي بمستوى معيشته وتضمن استدامة الموارد الاقتصادية والبيئية وترفع مستوى التنمية البشرية.

وهذا يقودنا مجددا للحديث عن الانجازات وتحقيق الاهداف والسير بالإجراءات واتخاذ القرارات المناسبة المرتبطة بمؤشرات لقياس الاداء المبني على متابعة ومساءلة وارادة وإدارة حكومية حصيفة تفضي الى تحسين مستوى معيشة المواطن.